الشهيد البطل (موحا) محمد_بن_علال
شهداء الجزائر
بعد 177 سنة، يعود رفات الشهيد البطل (موحا) محمد_بن_علال رحمه الله الى أرض الوطن الذي سقاه بدمه.
شيء من سيرة هذا الرجل الشهم الشريف رحمه الله.

في سنة 1834 أطلق الفرنسيون سراح البطل محمد بن علال و أفراد عائلته بموجب إتفاقية ديميشيل ، التي أمضاها الفرنسيون مع الأمير عبد القادر الذي كبّد الجيش الفرنسي خسائر فادحة و أجبره على صفقة تبادل أسرى ، إنتقل محمد بن علال و عمه الشيخ محي الدين الصغير إلى #مليانة لتنظيم الجيوش ، و التحقا بمقاومة الأمير عبد القادر الذي عين الحاج محي الدين خليفة له ، واصل البطلان المقاومة حتى سنة 1837 التي أَجبر فيها الفرنسيون على إمضاء معاهدة التافنا ، التي رسمت خلالها الحدود بين الفرنسيين و دولة الأمير عبد القادر حسب مجرى واد شفة ، فانتقل آل مبارك هذه المرة نهائيا إلى مليانة لأن القليعة أصبحت في الجانب الفرنسي من الحدود ، بعد أسابيع من إمضاء معاهدة التافنا توفي الحاج محي الدين الصغير ، فعين الأمير عبد القادر البطل محمد بن علال خليفة على #مليانة
في مليانة ، نظم البطل محمد بن علال شرون الدولة في منطقة جبال الظهرة و وارسنيس و متيجة الغربية و جبالها ، أسس المدارس و المستشفيات ، و بنى مصنعا للذخيرة و الأسلحة بمدينة مليانة لاستغلال مناجم الحديد بجبل زكار الشامخ ، كما أسس البطل جيشا نظاميا بمساعدة مستشاره سي قدور برويلة ، في ماي 1938 قرر الأمير عبد القادر الذهاب إلى الصحراء لتوحيد الصفوف و معاقبة القبائل المتمردة ، و عيّن البطل محمد بن علال كنائب له على رأس الدولة الجزائرية ، قام البطل بتمثيل الأمير عبد القادر لما تمت مراجعة بنود معاهدة تافنا مع الفرنسيين طيلة 9 أشهر .
قاد البطل محمد بن علال بمساعدة البطل ( محمد بن عيسى ) خليفة المدية ، أولى العمليات العسكرية ضد الجيش الفرنسي بمتيجة و جبال الأطلس البليدي ، عبر البطلان واد شفة و قادا معارك واد العلايق الكبيرة ( ديسمبر 1839 ) ، سيدي يعقوب بالبليدة ( 1840 ) ، بوعرفة ثم موزايا ( ماي 1840 ) ..... معارك خالدة انتهت بانهزام جيش المقاومة و تراجعه ، قرر البطل محمد بن علال إخلاء مدينة مليانة حفاظا على أهلها من وحشية الفرنسيين و انسحب إلى قمم جبال وارسنيس لمواصلة المقاومة ، كاتبا أروع صفحات البطولة و الجهاد رغم صعوبة الظروف و حصار الجيش الفرنسي ، في سنة 1841 قام البطل بصفقة تبادل أسرى مع الفرنسيين بعد مراسلته أسقف الجزائر دوبوش ، الأمر الذي أغضب الجنرال بيجو قائد الجيوش الفرنسية كثيرا ، الذي هاجم مواقع جيش محمد بن علال لكنه لم يستطع اقتحام قلاع وارسنيس الشامخة ، فحاول إمضاء معاهدة صلح و طلب من البطل تسليم نفسه مقابل إعطائه كل أراضي أجداده و امتيازات عديدة ، فردّ البطل محمد بن علال برسالة خالدة يحتفظ بها الأرشيف الفرنسي إلى يومنا هذا جاء فيها :
" .... من جبل الدخلة إلى واد الفضة .... أحكم ، أجاهد ، أعفو ، هذا الحكم الذي أنفّذه باسم الله تعالى ، و بشريعته ، و خدمة لمولاي السلطان عبد القادر .... ماذا ستقدمون لي بدلا منه ؟؟ أرض أجدادي التي سأسترجعها بالبارود كما أخذتموها منا بالبارود .... أو المال أو صفة الخيانة و العار ......"
واصل البطل مقاومته الأسطورية حتى يوم 16 ماي 1843 ، التاريخ الذي سقطت فيه زمالة الأمير عبد القادر ، و هي عاصمته المتنقلة التي كانت تحوي آنذاك قرابة 20 ألف شخص .... العاصمة التي كانت بولاية تيارت . إنسحبت إلى منطقة طاڨين ( قرب قصر الشلالة ) أين رصدها الجيش الفرنسي و حاصرها ، و قام بمجازر مروّعة في حق أهلها ..... كما قام بأسر كل عائلة محمد بن علال التي كانت محتمية داخل الزمالة ، و نفى أفرادها إلى جزيرة سانت مارڨريت قرب كان ( جنوب فرنسا ) ، لاستعمالهم كورقة ضغط لإجبار محمد بن علال على تسليم نفسه و وقف الجهاد ، أرسل أفراد العائلة ( بإيعاز من الفرنسيين ) رسالة إلى محمد بن علال مطالبين إياه بالإستسلام مقابل الحفاظ على أرواحهم ، فرد عليهم البطل برسالة مؤثرة جاء فيها :
" لا تفكرّوا أبدا أنّي سأسلّم نفسي و ألتحق بكم للعيش في بلاد الكفرة ، بكل تأكيد أن أغلى ما يملكه الفرد في هذه الدنيا الفانية هم إخوته ، أهله و أبناؤه ، لو استطعت شراء حريتكم بالمال أو بروحي لفعلت ، لكن تسليم نفسي و العيش في بلاد الكفر ، أمر ترفضه شريعة الله و أوامر نبيّه صلى الله عليه و سلم ، أتمنى ألا أفعل ذلك ما حييت ..... "
إنسحب البطل بعد سقوط الزمالة المرير و اقتحام الجيش الفرنسي جبال وارسنيس إلى أقصى الغرب الجزائري ، أين حاصرته الجيوش الفرنسية بعد 13 سنة من الحرب و البطولات ، فكانت معركة واد المالح قرب الحدود المغربية يوم 11 نوفمبر 1843 ، أين قاوم البطل محمد بن علال و قتل بنفسه العديد من الفرنسيين ، بمسدسه ثم بسيفه بعد أن فقد ذراعه و عينه قبل ذلك ، حتى استشهد و سيفه في يده ، رفقة 700 من المجاهدين الأبطال الذين قتلهم كلهم الجيش الفرنسي الهمجي ، يومئذ قال الجنرال بيجو الذي أصبح من يومها ماريشالا مكافأة على هزيمته لبن علال : " بعد معركة واد المالح الجميلة ، لم يبق لعبد القادر إلا القليل من الفرسان ، يمكننا القول أن الدولة الجميلة التي أسسها ، قمنا باحتلالها كليا و نهائيا "
قطع الفرنسيون رأس البطل محمد بن علال ، و طافوا بها في المدن و القرى لترهيب الجزائريين ، و عرضوها لأيام عديدة عند أسوار الجزائر العاصمة قبل أن ينقلوها إلى متاحف باريس ، كرمز من رموز جرائمهم الوحشية التي لم يعرف لها العالم مثيلا ..... و هي إلى اليوم بباريس رغم مطالب عائلة البطل و العديد من الجمعيات و الدولة الجزائرية مؤخرا ، أما جسم البطل فلم يسلم إلى أهله و لا يعرف أحد قبره الحقيقي إلى يومنا هذا ( يقال أن ا لفرنسيين سلموا لعائلة البطل رأسا رمزيا دفن بجانب جده بالقليعة ) .... أما رأسه فنقل إلى عائلته داخل كيس من جلد ، تقول الرواية السعبية أن أم البطل ، لالّا حليمة ، لما رأت رأس ابنها الشهيد ، بكت بحرقة ، زغردت و قالت للنساء : إيّاكن أن تبكين على بطل مات من أجل وطنه ..... نظرت إلى الجندي الفرنسي نظرة كبرياء ، و قبلت رأس ابنها قائلة : هكذا أردت أن تموت يا بن علال .....
بعد الإستقلال قامت السلطات الجزائرية بإطلاق إسم بن علال على بلدية صغيرة تقع حوالي 8 كم غرب مليانة ، في سفوح جبل زكار الشامخ ، بقلب جبال . عرين الأسد محمد بن علال ، الذي تغنى ببطولاته الشعراء ، بطل كتب سيرته الذاتية أحد أحفاده منذ سنوات : سيد احمد بن مبارك بن علال
رحم الله الفقيد و أسكنه فسيح جنانه ، و جزاه عنا خير الجزاء ، بطل لا يعرفه الكثير من الجزائريين للأسف ... بطل سيبقى ذكره خالدا ، بإذن الله تعالى ، ككل أبطال شعبنا الذين سقوا أرض أجدادنا بدمائهم الطاهرة .
المجد و الخلود لشهدائنا و أبطال شعبنا
تحيا الجزائر.
تعليقات
إرسال تعليق